الأحد، 20 نوفمبر 2016

ما يفيد الكوكب يفيد الصحة أيضاً

الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية

الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية

الحسين الوردي، وزير الصحة، المغرب
حكيمة الحيطي، وزيرة البيئة، المغرب

11 تشرين الثاني/نوفمبر 2016
ا
توقف قليلاً وتنفس الهواء. أينما كنت تعيش في العالم، هناك احتمالات كبيرة لأن يكون الهواء الذي يملأ رئتيك ملوثاً. فعلى صعيد العالم، يعيش 9 أفراد تقريباً من كل 10 في أماكن تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء الحدود القصوى المأمونة التي حددتها منظمة الصحة العالمية.
وللأسف، فإن الهواء الذي نتنفسه يزداد سوءاً ولا يتحسن. فبين عامي 2008 و2013، زادت مستويات تلوث الهواء بنسبة 8% في مدن العالم التي رصدت تلوث الهواء. ويلقى ما يقدر بنحو 6.5 ملايين شخص حتفهم سنوياً نتيجة لإصابتهم بسرطان الرئة وداء الانسداد الرئوي المزمن والسكتة الدماغية وأمراض القلب المرتبطة بتلوث الهواء.
وتؤثر العواقب الوخيمة لتلوث الهواء على المناخ وعلى الصحة سواءً بسواء. ونشاهد هذه الآثار في كل مكان بدءاً من المدن الضخمة التي يكتنفها الضباب الدخاني ووصولاً إلى المساكن القروية التي تمتلئ بالدخان الناجم عن الطهو في مكان مغلق. ومع ذلك فإن تلوث الهواء يُعد في مجمله تقريباً من صنع الإنسان، وعادة ما يكون مفرطاً.
ويؤدي تغيُّر المناخ إلى تقويض المتطلبات الأساسية اللازمة للتمتع بالصحة، ألا وهي المياه المأمونة والمسكن الآمن والأمن الغذائي. وفي غياب هذه المتطلبات تزهق آلاف الأرواح سنوياً دون داع. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن تغيُّر المناخ سيؤدي بين عامي 2030 و2050، إلى 250,000 وفاة إضافية سنوياً، نتيجة لنقص التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.

نقطة تحول في تاريخ المناخ

ولحسن الحظ، يتجه تغيُّر المناخ صوب تصحيح مساره. ففي العام الماضي، كانت اتفاقية باريس علامة تحول في مسار تغيُّر المناخ، حيث اتفق أكثر من 190 بلداً على الحد من ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية خلال هذا القرن ليبلغ أقل بكثير من درجتين مئويتين.
ومع ذلك، فمازال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه لتحقيق ذلك.
الحسين الوردي، وزير الصحة، المغرب
الحسين الوردي، وزير الصحة، المغرب
وزارة الصحة المغربية
ومع بدء نفاذ اتفاقية باريس واجتماع أطراف الاتفاقية في المغرب، يجب أن يحتل "الحق في الصحة" مكانة محورية في الإجراءات الخاصة بالمناخ التي تتخذها جميع البلدان. وإذا ما استعرضنا التاريخ، سنجد أن قطاع الصحة يقدم أفضل الحُجج والبراهين لدق ناقوس الخطر وحمل البلدان على اتخاذ الإجراءات.
ففي القرن التاسع عشر، قدم قطاع الصحة البيّنات الدالة على أن المياه الملوثة تسهم إسهاماً كبيراً في المرض والوفاة، وأدى ذلك إلى توجيه الاستثمارات إلى المياه والإصحاح، ونتج عن ذلك تلافي الفاشيات ورفع مستويات المعيشة وتحسين الحصائل الصحية.
وفي القرن العشرين، وثّق قطاع الصحة ارتباط فرط الإصابة بالمرض والوفيات بتلوث الهواء. وكانت هذه البيّنات دافعاً إلى التحرك صوب استخدام الطاقة النظيفة، ونُظم النقل المستدام الأنسب، والتخطيط الحضري الذي يحد من التعرض للانبعاثات الضارة.
ونؤكد اليوم على أن العواقب الصحية الناجمة عن تدهور البيئة يمكن قياسها وحساب تكلفتها، ما يُبرز الضرورة الملحة لاتخاذ الإجراءات وتوفير الموارد.

ثمة حاجة إلى الاستثمار في المناخ على نحو يركز على الصحة

"تؤثر العواقب الوخيمة لتلوث الهواء على المناخ وعلى الصحة سواءً بسواء. ونشاهد هذه الآثار في كل مكان بدءاً من المدن الضخمة التي يكتنفها الضباب الدخاني ووصولاً إلى المساكن القروية التي تمتلئ بالدخان الناجم عن الطهو في مكان مغلق."
الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية
الحسين الوردي، وزير الصحة، المغرب
كيمة الحيطي، وزيرة البيئة، المغرب
بيد أن الاستثمارات الموجهة إلى الإجراءات الخاصة بالمناخ والتي يتمحور تركيزها حول الصحة مازالت ضعيفة.
ففي العديد من البلدان النامية، قد تكون المرافق الصحية نفسها سريعة التأثر بالظواهر المناخية الشديدة، حيث إنها قد تكون غير مجهزة لتحمل موجات الحرارة والرياح العاتية والفيضانات وموجات الجفاف، التي يتوقع أن يزيد تواترها وشدتها في المستقبل.
ويلزم أيضاً التوسع في الاستثمار في ترصد الأمراض، بما في ذلك تحسين استغلال المعلومات عن المناخ، لضمان قدرتنا على الكشف عن انتشار الأمراض التي تتأثر بالمناخ مثل الملاريا وحمى الضنك، بل والتنبؤ به.
وينبغي للبلدان أن تستثمر في المرافق الصحية التي تستخدم الطاقة النظيفة حتى يساعد قطاع الصحة على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بدلاً من أن يسهم في إنتاجها.
كما أن بناء نُظم الصحة الشاملة للجميع والقادرة على الصمود، بما يتماشى مع الهدف المتمثل في تحقيق التغطية الصحية الشاملة، من شأنه أن يجعل قدرة النُظم الصحية على تلبية الاحتياجات أقوى وأشد إنصافاً، وهو مطلب أساسي من مطالب خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

برنامج عمل للصحة والمناخ

مازال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه لضمان أن "الحق في الصحة" يمثل عنصراً أساسياً من عناصر الإجراءات الخاصة بالمناخ، ومع ذلك فقد خطا المجتمع المعني بالصحة خطوات مهمة بالتعاون مع الزملاء المعنيين بالبيئة والمناخ.
فقد انعقد المؤتمر الثاني لمنظمة الصحة العالمية بشأن الصحة والمناخ بمشاركة الحكومة الفرنسية والحكومة المغربية في تموز/ يوليو، وجمع وزراء البيئة والصحة معاً ليضعوا برنامج عمل يعود بالنفع المتبادل من أجل التصدي لتغيّر المناخ على نحو مفيد لكلا القطاعين.
حكيمة الحيطي، وزيرة البيئة، المغرب
حكيمة الحيطي، وزيرة البيئة، المغرب
وزارة البيئة المغربية
وفي مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين، ستعقد منظمة الصحة العالمية ووزيرا البيئة والصحة المغربيان اجتماعاً آخر لوزراء الصحة والبيئة، لرسم الخطط بشأن كيفية العمل معاً في المستقبل في سبيل تهيئة بيئات تتسم بمزيد من النظافة والصحة.
كما أننا وحدنا جهودنا مع تحالف المناخ والهواء النظيف لإطلاق حملة جديدة تحت مسمى "تنفس الحياة"، من أجل إذكاء الوعي بشأن أثر تلوث الهواء على الصحة والمناخ. وتدعو الحملة الأفراد والمدن والبلدان إلى إعادة أنفاس الحياة إلى المدن ووضع الحلول التي يستطيع كل منها تنفيذها.
وبالعمل معاً على صعيد القطاعات وبالتعاون مع الشركاء، يمكننا المساعدة على ضمان وضع الناس وسبل عيشهم وعافيتهم وصحتهم على وجه الخصوص، في صميم الاستجابة لتغيّر المناخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق