الخميس، 1 يناير 2015

مرض الفيلقية (Legionella) الذى ينتشر فى سفن الركاب و الفنادقُ والمستشفيات ومراكز الاستشفاء.


الفيلقية (Legionella)

شهد العام 1976 تفشيا لالتهاب رئوي في فندق في ولاية فيلادلفيا, الولايات المتحدة, بين المشاركين في مؤتمر للفيلق الامريكي. فقد اصيب 182 شخصا من المشاركين في المؤتمر بالتهاب رئوي, توفي 34 (17%) منهم. وقد قام الباحثون بعزل جرثومة لم تكن معروفة حتى ذلك الحين, من رئات المرضى الذين لقوا حتفهم, ومنذ ذلك الحين اطلق على هذه الجرثومة اسم "الفيلقية المستروحة" (Legionella pneumophila).

وعند فحص عينات مجمدة من دماء المرضى الذين اصيبوا عند تفشي الالتهاب الرئوي في وقت سابق, تبين ان هؤلاء المرضى ايضا كانوا قد اصيبوا بجرثومة الفيلقية. هذه الجرثومة تنمو في بيئة رطبة, تتوفر في داخل المكثـفات التبخيرية (Evaporative condensers), في ابراج التبريد, في مكيفات الهواء وغيرها من الاجهزة التي بواسطتها نشر الهواء الرطب. منذ تحديد هوية جرثومة الفيلقية وعلاقتها بالالتهاب الرئوي, يتم اعتماد تدابير خاصة لتطهير ابراج التبريد وما شابه.

داءُ الفَيلقيات أو داءُ الفَيالِقَة هو نوع من التهاب الرئة البكتيري. وعادة ما يصاب الإنسانُ بهذا المرض الإنسان بسبب استنشاق البخار المشبع بالرطوبة الصادر عن مياه تحوي تلك البكتيريا. ومن الممكن أن يكونَ هذا البخارُ المشبع ناتجاً عن حوض الاستحمام الساخن أو عن أنظمة تكييف الهواء في المباني الكبيرة. لكنَّ هذه البكتيريا لا تنتقل من شخص إلى آخر انتقالاً مباشراً. 

في بعض الأحيان، يشتمل داء الفَيلقيات على الإصابة بالحمَّى والقشعريرة والسعال، بالإضافة إلى آلام عضلية وصداع في بعض الحالات. وهناك أنواعٌ أخرى من التهاب الرئة لها الأعراض نفسها. ومن المرجَّح أن يكونَ المريض في حاجة إلى تصوير الصدر بالأشعة السينية من أجل تشخيص التهاب الرئة. وتستطيع الفحوصُ المخبرية تحديدَ البكتيريا التي سببت داء الفَيلقيات. يزداد احتمالُ إصابة الإنسان بالمرض نتيجة هذه البكتيريا في الحالات التالية:
 • إذا كان سنُّه أكثر من خمسة وستين عاماً
. • إذا كان لديه مرض رئوي.
 • إذا كان لديه جهاز مناعي ضعيف
. • إذا كان مدخِّناً. داءُ الفَيلقيات مرضٌ خطير. ومن الممكن أن يودي بحياة المريض أحياناً. لكنَّ معظمَ المرضى يشفون عن طريق المعالجة بالمضادَّات الحيوية. 

الرئتان
داءُ الفَيلقيات هو نوعٌ من الألتهاب الرئوي الذي ينتج عن عدوى تصيب الرئتين. يستعرض هذا القسمُ تشريحَ الجهاز التنفسي. كما يتطرَّق إلى دور الجهاز المناعي في الوقاية من عدوى الرئة. الرئتان هما العضوان اللذان يسمحان لنا بتزويد الدم بالأكسجين. يجري امتصاصُ الأوكسجين الذي نتنفَّسه عن طريق النسج الموجودة في الرئة. وعندما نستنشق الهواءَ، فإنَّه يدخل من الفم أو الأنف. ومن هناك، ينتقل الهواء إلى الحلق، أو إلى البلعوم. ينقسم البلعومُ إلى جزئين بالقرب من أعلى الرقبة:
أنبوب الهواء في المقدِّمة، أي الرغامى. وهو ينحدر إلى الرئتين.
الأنبوب الخلفي الذي يذهب إلى المعدة. وهو معروف باسم المريء.
بعدَ اجتياز أنبوب الهواء، يمرُّ الهواء الذي نتنفَّسه عبر عدد من الأنابيب التي تتفرع وتزداد ضيقاً. تُدعى هذه الأنابيب باسم القُصيبات الهوائية. وهي موجودة في الرئتين. عند نهايات القُصيبات الهوائية، توجد أكياس تشبه البالونات تدعى باسم "الأسناخ". تعدُّ الأسناخُ رقيقةً إلى حد كبير. وعبر هذه الأسناخ ينتقل الأكسجين من الهواء إلى الدم. وفي الوقت نفسه، ينتقل ثاني أأوكسيد الكربون من الدم إلى الرئتين عن طريق الأسناخ.

وبعد ذلك يخرج من الجسم مع هواء الزفير. تقوم البطانةُ الداخلية للقصيبات الهوائية بإنتاج مادة خاصة تدعى باسم "مخاط"؛ وهذا المخاطُ يساعد على التقاط الشوائب الموجودة في الهواء. ويجري على نحو مستمرٍّ إخراج المخاط من الرئتين. هناك أهداب صغيرة جداً دائمة الحركة تقوم بدفع المخاط إلى خارج الرئتين. وهذا ما يحمي السبيلَ التنفسي.

غالباً ما يجري دفعُ المخاط إلى الخارج على نحوٍ تلقائي. أمَّا في حالة وجود كمية كبيرة من المخاط، فمن الممكن إخراجُه عن طريق السعال.

من الممكن أن يحتوي الهواءُ الذي نتنفَّسه على بعض الجراثيم. والواقع أنَّ البكتيريا والفيروسات التي تستطيع نقل التهاب الرئة إلى الإنسان غالباً ما تكون موجودةً بالفعل في الهواء الذي نتنفسه. لكنَّ جهازنا المناعي يحمي الجسمَ من العدوى عن طريق إبقاء الجراثيم خارج الرئتين. في بعض الأحيان تتمكَّن الجراثيمُ من تجاوز دفاعات الجهاز التنفسي.

وعند ذلك فإنَّها تستطيع أن تُسبِّب التهاب الرئة. داءُ الفَيلقيات نوع من أنواع التهاب الرئة. وهو ناتج عن بكتيريا تُدعى باسم "الفيلقية". أطلق اسمُ داء الفَيلقيات على هذا المرض بعد جائحة حدثت في عام 1976 في الولايات المتحدة الأمريكية. قبل حدوث هذه الجائحة، لم تكن هذه السلالةُ من البكتيريا تحمل أيَّ اسم، لكنها حملت اسم "الفَيلقيات" اعتباراً من عام 1977. 

الأعراض
بعدَ التعرُّض لبكتيريا الفيلقية، يمكن أن يستغرقَ ظهورُ الأعراض بعضَ الوقت. وغالباً ما يبدأ ظهور الأعراض بعد مدة تتراوح من يومين إلى أسبوعين بعد التعرُّض للبكتيريا. غالباً ما تشتمل الأعراض الأولى لداء الفَيلقيات:


  1. حمَّى شديدة يمكن أن تجعل حرارة المريض تصل إلى أربعين درجة مئوية أو أكثر من ذلك.
  2. قشعريرة.
  3. صداع.
  4. أوجاع أو آلام عضلية.
  5. وبعد عدَّة أيام، يمكن أن تتطوَّرَ الأعراض لتشتمل على ما يلي:
  6. ألم صدري.
  7. سعال، مع وجود مخاط أو دم، أو من غير وجودهما.
  8. إرهاق.
  9. فقدان الشهية.
  10. قِصَر النَّفَس.

يمكن أن يُسبِّبَ داءُ الفَيلقيات تشوُّشاً ذهنياً أو غير ذلك من التغيُّرات العقلية.
كما يمكن أن يُسبِّبَ أعراضاً هضمية، كالغثيان والتقيُّؤ والإسهال.
من الممكن أن تنتشرَ بكتيريا الفَيلقيات إلى خارج الرئتين.
وقد تعدي الجروحَ أو الأعضاء الأخرى في الجسم، كالقلب مثلاً.
يمكن أن تؤدِّي العدوى الخفيفة ببكتيريا الفَيلقيات إلى أعراض تشبه الأنفلونزا فقط. ويُدعى هذا النوعُ الخفيف من الإصابة باسم حمَّى بونتياك.
ولا تُسبِّب هذه الحمَّى عدوى في الرئتين. كما أنَّ أعراضَها يمكن أن تزولَ خلال مدَّة تتراوح من يومين إلى خمسة أيَّام. يمكن أن يكونَ داءُ الفَيلقيات خطيراً على حياة المريض. ومن المهم مراجعة الطبيب إذا ظهرت أعراض المرض. 

الأسباب
يمكن أن يُصابَ الناسُ بداء الفَيلقيات عن طريق استنشاق البخار المشبع بالرطوبة الذي يكون مصدرُه الماء الملوَّث ببكتيريا الفَيلقيات. يمكن أن يأتي هذا البخارُ من حوض الاستحمام الساخن أو من وحدات تكييف الهواء في المباني الكبيرة. لا يمكن أن يُصابَ الإنسانُ بعدوى داء الفَيلقيات من شخص آخر مصاب به، لأنَّ البكتيريا لا تنتقل من شخص إلى آخر. يحدث القسمُ الأكبر من فاشيات داء الفَيلقيات في المباني الكبيرة. وغالباً ما يكون في هذه المباني أنظمة مياه وتكييف معقَّدة، ممَّا يسمح للبكتيريا بالنمو على نحو أكثر سهولة. ومن أمثلة المباني الكبيرة التي كان لها صلة ببعض فاشيات حمَّى الفَيلقيات الفنادقُ والمستشفيات ومراكز الاستشفاء. غالباً ما ترتبط فاشياتُ داء الفَيلقيات بما يلي:


  1. أبراج التبريد في أنظمة تكييف الهواء الضخمة.
  2. المعدَّات المستخدمة في المعالجة الفيزيائية.
  3. النوافير.
  4. أحواض الاستحمام الساخنة، أو أحواض السباحة، وخاصة في سفن الركاب.
  5. أحواض السباحة.
  6. على نحو أقل شيوعاً، يمكن لبكتيريا الفَيلقيات أن تنتشرَ بطرق أخرى أيضاً. ومن هذه الطرق:
  7. استنشاق سوائل ملوَّثة.
  8. التعرُّض للتربة الملوَّثة.


عوامل الخطورة
إنَّ معظمَ الأشخاص الذي يتعرضون لبكتيريا داء الفَيلقيات لا يُصابون بهذا المرض.
وفي معظم الحالات، فإنَّ الجهازَ المناعي في الجسم يستطيع حمايتَه من العدوى.
هناك أشخاص معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالعدوى إذا تعرَّضوا لبكتيريا داء الفَيلقيات.
ويُقال عن هؤلاء الناس إنَّ لديهم عوامل خطورة مرتفعة.
تزداد خطورةُ الإصابة بداء الفَيلقيات مع التقدُّم في السن.
وهذا يعني أن الأشخاص الذين تجاوزوا خمسةَ وستين عاماً من العمر يكونون أكثرَ تعرُّضاً للإصابة بهذا المرض. يمكن أن يؤدِّي وجودُ بعض المشكلات الصحية أو الأمراض إلى زيادة خطر الإصابة بداء الفَيلقيات. ومن الأمثلة على ذلك:

  1. السرطان.
  2. أمراض الرئة المزمنة، كالنُّفاخ الرئوي مثلاً.
  3. مرض السكَّري.
  4. أمراض الكلية.
  5. التدخينُ يؤذي الرئتين.


وهذا ما يجعل دخول البكتيريا إلى الرئتين والتُسبِّب بحدوث العدوى أكثر سهولة. ويعدُّ المدخِّنون معرَّضين أكثر من غيرهم للإصابة بداء الفَيلقيات. يعدُّ ضعفُ الجهاز المناعي عاملاً آخرَ من عوامل الخطورة الخاصة بداء الفَيلقيات. وقد يكون ضعفُ الجهاز المناعي عائداً إلى حالات صحية من قبيل مرض الإيدز/عوز المناعة المكتسب مثلاً. وهناك أدويةٌ أيضاً يمكن أن تؤدِّي إلى ضعف الجهاز المناعي. ومن هذه الأدوية المواد المُستخدمة من أجل منع الجسم من رفض الأعضاء المزروعة. إنَّ الأشخاصَ الذين يتولون صيانةَ أبراج التبريد في أنظمة تكييف الهواء يكونون معرَّضين للخطر أيضاً. وهذا بسبب زيادة احتمال تعرُّضهم لبكتيريا داء الفَيلقيات على نحو مستمر. 

التشخيص
يبدي داءُ الفَيلقيات، وغيره من أنواع الالتهاب الرئوي، أعراضاً متشابهة. وكثيرٌ من هذه الأعراض يمكن أن يكونَ على صلة أيضاً بحالات شائعة أخرى من العدوى.

وهذا ما قد يجعل تشخيصَ داء الفَيلقيات صعباً. غالباً ما يجري الحصولُ على صورة صدر بالأشعة السينية للمريض لمعرفة ما إذا كان لديه التهابٌ رئوي، ولمعرفة حجم العدوى.

لكنَّ صورةَ الأشعة السينية لا تستطيع التفريقَ بين داء الفَيلقيات وبقية أنواع التهاب الرئة. الطريقةُ الأسرع من أجل معرفة ما إذا كان المريض مصاباً بداء الفَيلقيات هي تحليلُ البول، حيث تُؤخَذ عيِّنة من بول المريض من أجل التحقُّق من وجود مستَضِدَّات داء الفَيلقيات.

والمستَضِدَّات أو مولِّدات الأضداد هي مواد غريبة على الجسم. وهي تُسبِّب استجابة الجهاز المناعي. هناك اختباراتٌ أخرى يمكن إجراؤها أيضاً من أجل تشخيص داء الفَيلقيات. وتستطيع هذه الفحوصُ أيضاً استبعادَ الأسباب الأخرى المحتملة للأعراض. وعلى سبيل المثال، فإنَّ اختبارات الدم يمكن أن تكشف عن وجود بكتيريا داء الفَيلقيات.

من الممكن أيضاً فحص عيِّنات مأخوذة من المخاط أو النسيج الرئوي للبحث عن بكتيريا داء الفَيلقيات. وفي حالة استخدام عيِّنة من النسيج الرئوي، فإنَّ الحصول عليها يكون عن طريق الخزعة الرئوية. إذا كان لدى المريضُ أعراض عصبية، كالتشوُّش الذهني أو غير ذلك من التغيُّرات الذهنية، فمن الممكن إجراء بعض الفحوص أيضاً. ومن هذه الفحوص:
التصوير المقطعي المحوسب للدماغ.
بَزَل النخاع الشوكي.

المعالجة
تجري معالجةُ داء الفَيلقيات باستخدام المضادات الحيوية. وهي أدوية تستخدم من أجل معالجة العدوى البكتيرية. من المهم بدءُ المعالجة في أسرع وقت ممكن بعد بدء العدوى. وهذا ما يحمي المريضَ من المشكلات الصحية الخطيرة التي تُسبِّبها هذه العدوى. لا تحتاج حمَّى بونتياك، وهي نوعٌ خفيف من داء الفَيلقيات، إلى أي معالجة؛ فهذه الحمَّى تزول من تلقاء نفسها، ولا تُسبِّب أي مشكلات بعيدة المدى. 

الخلاصة
داءُ الفَيلقيات هو نوع من التهاب الرئة يحدث نتيجة إصابة بكتيرية. ومن الممكن أن يلتقطَ الإنسان هذه العدوى نتيجة تنفس بخار الماء المشبع بالرطوبة الصادر عن مياه ملوَّثة بالبكتيريا. كما يمكن التقاط المرض أيضاً من خلال استنشاق السوائل الملوَّثة أو من خلال التعرُّض لتربة ملوَّثة. لكن هذه الأسباب تظل أقل شيوعاً. إنَّ معظم الذين يتعرضون لبكتيريا داء الفَيلقيات لا يصابون بهذا المرض. لكنَّ احتمالات الخطورة تزداد في الحالات التالية:


  1. إذا كان سن المرء خمسة وستين عاماً أو أكثر.
  2. إذا كان لدى المرء مرضٌ رئوي مزمن أو مشكلات صحية خطيرة.
  3. إذا كان الجهاز المناعي ضعيفاً.
  4. إذا كان الشخصُ ممَّن يقومون بصيانة أبراج التبريد في أنظمة تكييف الهواء.
  5. إذا كان الشخصُ مدخِّناً.

تشتمل أعراضُ داء الفَيلقيات على الحمَّى والقشعريرة والسعال، بالإضافة إلى الألم العضلي والصداع في بعض الأحيان. إن للأنواع الأخرى من التهاب الرئة أعراضاً مماثلة. ويحتاج المريضُ على الأغلب إلى صورة للصدر بالأشعة السينية من أجل تشخيص الإصابة بالتهاب الرئة. لكنَّ الفحوص المخبرية هي التي تستطيع تحديدَ البكتيريا التي تُسبِّب الإصابة بداء الفَيلقيات. داءُ الفَيلقيات مرض خطير. ومن الممكن أن يودي بحياة المريض أحياناً. لكنَّ معظمَ من يُصابون به يشفون بعد العلاج بالمضادَّات الحيوية.

هناك تعليق واحد: