الحقائق الرئيسية
- الملاريا مرض فتاك تسبّبه طفيليات تنتقل إلى البشر من خلال لدغات البعوض الحامل لها.
- لقد أودت الملاريا، في عام 2010، بحياة نحو 000 660 نسمة (نطاق عدم اليقين: من 000 490 إلى 000 836)، معظمهم من الأطفال الأفارقة.
- الملاريا من الأمراض التي يمكن توقيها والشفاء منها.
- تسهم زيادة تدابير الوقاية من الملاريا ومكافحتها، بقدر كبير حالياً، في الحد من عبء هذا المرض في بلدان عديدة.
- يتعرّض المسافرون الذين لا يملكون مناعة ضدّ الملاريا والقادمون من المناطق الخالية منها للخطر بشكل كبير عندما يُصابون بالعدوى .
وتشير آخر التقديرات إلى أنّ عدد حالات الملاريا بلغ 219 مليون حالة في عام 2010 (نطاق عدم اليقين: من 154 مليون حالة إلى 289 مليون حالة) وأنّ عدد وفياتها بلغ قرابة 000 660 وفاة (نطاق عدم اليقين: 000 490 - 000 836) في العام نفسه. وقد انخفضت معدلات وفيات الملاريا بأكثر من 25% على الصعيد العالمي منذ عام 2000، وبنحو 33% في إقليم منظمة الصحة العالمية الأفريقي. والجدير بالذكر أنّ معظم من يموتون بسبب هذا المرض هم من الأطفال الذين يعيشون في أفريقيا، حيث لا تمرّ دقيقة واحدة إلاّ وتشهد وفاة طفل جرّاء الملاريا.
والملاريا مرض تسبّبه طفيليات من فصيلة المتصوّرات التي تنتقل بين البشر من خلال لدغات أجناس بعوض الأنوفيلة الحامل لها، التي تُسمى "نواقل الملاريا"، والتي تلدغ الناس في الفترة بين الغسق والفجر بالدرجة الأولى.
وهناك أربعة أنواع من المتصوّرات التي تسبّب الملاريا البشرية هي:
- المتصوّرة المنجلية
- المتصوّرة النشيطة
- المتصوّرة الوبالية
- المتصوّرة البيضوية
وتُعد المتصوّرة المنجلية والمتصوّرة النشيطة أكثر الفصائل شيوعاً. غير أنّ المتصوّرة المنجلية هي أشدّ الفصائل فتكاً بالناس.
كما لوحظ، في الأعوام الأخيرة، حدوث حالات بشرية من الملاريا الناجمة عن المتصوّرة النولسية- وهي ملاريا تصيب النسانيس وتحدث في بعض المناطق الغابية من جنوب شرق آسيا.
سريان المرض
لا تسري الملاريا إلاّ عن طريق لدغات البعوض من جنس الأنوفيلة . وتعتمد وتيرة السريان على عوامل لها صلة بالطفيلي والناقل والثوي البشري والبيئة.
وهناك نحو 20 جنساً مختلفاً من أجناس الأنوفيلة التي تكتسي أهمية على الصعيد المحلي في جميع أنحاء العالم. والجدير بالذكر أنّ جميع الأجناس الهامة الناقلة للمرض تلدغ أثناء الليل. وتتكاثر تلك الأجناس في المياه ولكل منها مكانه المفضّل للتكاثر؛ فالبعض منها يفضلّ التكاثر، مثلاً، في المياه العذبة الضحلة، مثل البرك وحقول الأرز وآثار الحوافر على الأرض. والملاحظ أنّ وتيرة سريان المرض تشتدّ في الأماكن التي يطول فيها عمر البعوض الناقل نسبياً (ممّا يمكّن الطفيلي من استكمال نموّه داخل البعوض) أو إذا فضّل البعوض لدغ البشر بدلاً من الحيوانات. فطول دورة حياة أجناس النواقل الأفريقية وميولها إلى لدغ البشر بقوة من الأمور التي تفسّر، مثلاً، سبب وقوع أكثر من 90% من وفيات الملاريا في أفريقيا.
ويعتمد سريان المرض أيضاً على الظروف المناخية التي قد تؤثّر في عدد البعوض وبقائه، مثل أنماط تهاطل الأمطار ودرجة الحرارة والرطوبة. والملاحظ، في كثير من الأماكن، أنّ سريان المرض موسمي ويبلغ ذروته أثناء موسم الأمطار وبعده مباشرة. ويمكن أن تحدث أوبئة الملاريا عندما تساعد الظروف المناخية والظروف الأخرى، فجأة، على سريان العدوى في المناطق التي لا يمتلك فيها الناس إلاّ القليل من المناعة ضدّ المرض أو أنّهم لا يمتلكون مناعة ضدّه على الإطلاق. كما يمكن أن تحدث تلك الأوبئة عندما ينتقل الناس من ذوي المناعة المنخفضة إلى مناطق يشتدّ فيها سريان المرض وذلك للبحث عن العمل أو لأغراض اللجوء على سبيل المثال.
وتمثّل المناعة البشرية أحد العوامل الهامة الأخرى التي تؤثّر في سريان الملاريا، لاسيما لدى البالغين في المناطق التي تشهد سريان المرض بشكل معتدل أو مكثّف. وتتشكّل مناعة جزئية من جرّاء التعرّض للمرض طيلة أعوام ومع أنّها لا تتيح حماية تامة ضدّ المرض، فإنّها تسهم في الحدّ من تطوّر العدوى إلى مرض وخيم. وعليه فإنّ معظم وفيات الملاريا التي تُسجّل في أفريقيا تحدث بين صغار الأطفال، بينما يُلاحظ تعرّض جميع الفئات العمرية للخطر في المناطق التي يقلّ فيها سريان المرض وتنخفض فيها نسبة المناعة.
الأعراض
الملاريا من الأمراض الحموية الحادة. وتظهر أعراضه، لدى الأشخاص الذين ليس لهم مناعة ضدّه، بعد مضي سبعة أيام أو أكثر (10 أيام إلى 15 يوماً في غالب الأحيان) من التعرّض للدغة البعوض الحامل له. وقد تكون الأعراض الأولى- الحمى والصداع والارتعاد والتقيّؤ- خفيفة وقد يصعب عزوّها إلى الملاريا. ويمكن أن تتطوّر الملاريا المنجلية، إذا لم تُعالج في غضون 24 ساعة، إلى مرض وخيم يؤدي إلى الوفاة في كثير من الأحيان. ويظهر على الأطفال المصابين بحالات وخيمة واحد أو أكثر من الأعراض التالية: فقر دم وخيم، أو ضائقة تنفسية من جرّاء الإصابة بحماض استقلابي، أو ملاريا دماغية. وعادة ما يُشاهد لدى البالغين أيضاً تعرّض أعضاء متعدّدة من أجسامهم. وقد تظهر لدى بعض الأشخاص، في المناطق التي تتوطنها الملاريا، مناعة جزئية ضدّ المرض ممّا يفسّر حدوث حالات عديمة الأعراض.
وقد تحدث، لدى المصابين بالملاريا النشيطة والملاريا البيضوية على حدّ سواء، انتكاسات سريرية بعد مرور أسابيع أو أشهر على التعرّض للعدوى الأولى، حتى إذا كان المريض قد غادر المنطقة التي يسري فيها المرض. وتحدث تلك النوبات الجديدة جرّاء طفيليات "هاجعة" في الكبد (لا توجد في الملاريا المنجلية والملاريا الوبالية). ولا بدّ من توفير علاج خاص- يستهدف تلك المراحل الكبدية- لضمان الشفاء التام.
من هي الفئات المعرّضة للخطر؟
يواجه نصف سكان العالم تقريباً مخاطر الإصابة بالملاريا. وتحدث معظم الحالات والوفيات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. غير أنّ آسيا وأمريكا اللاتينية، وبدرجة أقلّ، منطقة الشرق الأوسط وبعض المناطق الأوروبية باتت تشهد أيضاً حدوث حالات من المرض. وقد شهد 99 من البلدان والأقاليم استمرار سريان الملاريا في عام 2010.
والفئات المعرّضة للخطر بوجه خاص هي:
- صغار الأطفال الذين يعيشون في مناطق يسري فيها المرض بوتيرة مستقرة والذين لم تتشكّل لديهم بعد مناعة تحميهم ضدّ أشدّ أشكال المرض وخامة.
- الحوامل اللائي لا يمتلكن المناعة اللازمة. إذ تتسبّب الملاريا في حدوث الإجهاض التلقائي بمعدلات مرتفعة ويمكنها أن تتسبّب في وفاة الأم؛
- الحوامل اللائي لا يمتلكن قدراً كافياً من المناعة في المناطق التي يسري فيها المرض بشدّة. ويمكن أن تؤدي الملاريا إلى الإجهاض التلقائي ونقص الوزن عند الميلاد، لاسيما أثناء الحمل الأوّل والحمل الثاني.
- الحوامل المصابات بفيروس الأيدز ممّن لا يمتلكن قدراً كافياً من المناعة في المناطق التي تسري فيها الملاريا بوتيرة مستقرة معرّضات، بشدّة، لمخاطر الإصابة بالمرض أثناء الحمل أيّا كان ترتيبه. كما تواجه النساء المصابات بعدوى الملاريا في المشيمة، أكثر من غيرهن، مخاطر نقل عدوى فيروس الأيدز إلى ولدانهن.
- المصابون بالأيدز والعدوى بفيروسه.
- المسافرون الدوليون القادمون من المناطق التي لا تتوطنها الملاريا نظراً لعدم امتلاكهم المناعة اللازمة.
- المهاجرون القادمون من مناطق تتوطنها الملاريا وأطفالهم ممّن يعيشون في مناطق لا يتوطنها المرض ويعودون إلى بلدانهم الأصلية لزيارة أصدقائهم وأقاربهم معرّضون بصورة مماثلة لمخاطر المرض نظراً لامتلاكهم مناعة قليلة أو عدم امتلاكهم أيّة مناعة على الإطلاق.
التشخيص والعلاج
تسهم خدمات التشخيص والعلاج في المراحل المبكّرة في التخفيف من حدّة المرض وتوقي الوفيات الناجمة عنه. كما تسهم في الحدّ من سريانه.
ويتمثّل أفضل علاج من بين العلاجات المتوافرة لمكافحة الملاريا، ولاسيما الملاريا المنجلية، في المعالجة التوليفية القائمة على الأرتيميسينين.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بضرورة الحرص، قبل إعطاء العلاج ، على تأكيد جميع حالات الملاريا المشتبه فيها من خلال التشخيص الذي يؤكّد وجود الطفيلي (إمّا عن طريق المجهر أو اختبار التشخيص السريع). ويمكن إتاحة نتائج ذلك الفحص التوكيدي في غضون 15 دقيقة أو أقلّ من ذلك. ولا ينبغي إعطاء العلاج استناداً إلى الأعراض فقط إلاّ عندما يتعذّر إجراء التشخيص الذي يؤكّد وجود الطفيلي. وتتضمن المبادئ التوجيهية الخاصة بعلاج أنواع الملاريا (الطبعة الثانية) توصيات أكثر تفصيلاً.
مقاومة الأدوية المضادة للملاريا
ظاهرة مقاومة الأدوية المضادة للملاريا من المشكلات المتكرّرة. وأصبحت مقاومة المتصوّرة المنجلية لأجيال الأدوي السابقة، مثل الكلوروكين والسلفادوكسين- البيريميثامين، منتشرة على نطاق واسع في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، ممّا أسهم في تقويض جهود المكافحة وعكس المكاسب التي تحققت في مجال بقيا الأطفال.
وقد أبلغ عن مقاومة الطفيلي لأدوية الآرتيميسينين على الحدود بين كمبوديا وتايلند في عام 2009، وأبلغ عنها بعد ذلك في ميانمار وفييت نام. وعلى الرغم من احتمال وجود الكثير من العوامل التي تسهم في ظهور المقاومة وانتشارها، فإنّ البعض يرى أنّ استخدام الأدوية التي لا تحتوي إلاّ على الآرتيميسينين كمعالجة أحادية من العوامل الرئيسية في هذا الصدد. وقد يميل المرضى، عندما يُعالجون بالأدوية التي لا تحتوي إلاّ على مادة الآرتيميسينين، إلى وقف العلاج مبكّراً عقب تلاشي أعراض المرض بسرعة. وتؤدي تلك الممارسة إلى عدم اكتمال العلاج واستحكام الطفيليات في دم المرضى. وتتمكّن تلك الطفيليات المقاومة، إذا لم يُعط دواء ثان في إطار معالجة توليفية (كما يتم في إطار المعالجة التوليفية القائمة على الآرتيميسينين)، من البقاء والانتقال إلى بعوضة، ومنها إلى شخص آخر.
وإذا تطوّرت مقاومة حيال المعالجات القائمة على الآرتيميسينين وانتقلت للانتشار في مناطق جغرافية كبيرة أخرى، فإنّ العواقب الصحية العمومية قد تكون وخيمة، ذلك أنّه لا توجد أيّة أدوية بديلة يمكن إتاحتها في السنوات الخمس المقبلة على الأقلّ لمكافحة هذا المرض.
وتوصي منظمة الصحة العالمية برصد مقاومة الأدوية المضادة للملاريا بشكل روتيني، كما أنّها تدعم البلدان لتمكينها من تعزيز جهودها في هذا المجال الهام من مجالات العمل.
وتتضمن الخطة العالمية لاحتواء مقاومة الآرتيميسينين، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في عام 2011، توصيات أشمل في هذا الخصوص.
الوقاية
تمثّل مكافحة النواقل الأسلوب الرئيسي للحدّ من سريان الملاريا على الصعيد المجتمعي. وهي تمثّل التدخل الوحيد الكفيل بخفض سريان المرض من مستويات عالية للغاية إلى مستويات قريبة من الصفر.
أمّا بالنسبة للأفراد ، فإنّ الحماية الشخصية من لدغات البعوض تمثّل خطّ الدفاع الأوّل للوقاية من المرض.
وهناك تدخلان رئيسيان لمكافحة النواقل يضمنان فعالية في طائفة متنوعة من الظروف، وهما:
الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات
تُعد الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول الشكل المفضّل من ضمن الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات التي يتم توزيعها في إطار برامج الصحة العمومية ذات الصلة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بضمان تغطية شاملة لجميع الأشخاص المعرّضين للخطر، وفي معظم الأماكن. وأكثر الأساليب مردودية لتحقيق ذلك هو توفير الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول حتى يتمكّن كل شخص من النوم، كل ليلة، تحت واحدة منها.
الرشّ الثمالي بمبيدات الحشرات في الأماكن الداخلية
يُعد الرشّ الثمالي بمبيدات الحشرات في الأماكن الداخلية الأسلوب الأقوى للحدّ بسرعة من سريان الملاريا. وتتحقق كامل إمكانات هذا الأسلوب عندما يتم رشّ ما لا يقلّ عن 80% من المنازل في المناطق المستهدفة. ويضمن هذا الرشّ فعالية طيلة فترة تتراوح بين 3 أشهر و6 أشهر، حسب المبيد المستخدم ونوع المسطحات التي يتم رشّ المبيد عليها. ويمكن، في بعض الحالات، أن تضمن مادة الدي دي تي فعالية طيلة فترة تتراوح بين 9 أشهر و12 شهراً. ويجري استحداث مبيدات أطول مفعولاً لاستعمالها في الرشّ الثمالي في الأماكن الداخلية.
ويمكن أيضاً استخدام الأدوية للوقاية من الملاريا. فبإمكان المسافرين وقاية أنفسهم من هذا المرض عن طريق الوقاية الكيميائية، التي تزيل المرحلة الدموية لعدوى الملاريا وتمكّن، بالتالي، من توقي الإصابة بالمرض. وبالإضافة إلى ذلك توصي منظمة الصحة العالمية بتوفير العلاج الوقائي المتقطع القائم على مادة السلفاديوكسين - بيريميثامين للحوامل اللائي يعشن في المناطق التي يشتد فيها سريان الملاريا، وذلك في الأشهر الثلاثة الثانية والثالثة من الحمل. كما توصي بإعطاء ثلاث جرعات من ذلك العلاج للرضّع الذين يعيشون في المناطق الأفريقية التي يشتد فيها سريان هذا المرض والحرص، في الوقت ذاته، على تطعيمهم باللقاحات الروتينية اللازمة. وفي عام 2012، توصي المنظمة بتنفيذ الوقاية الكيميائية الموسمية من الملاريا بوصفها استراتيجية إضافية لمكافحة هذا المرض في مناطق شبه إقليم الساحل بأفريقيا. وتشمل الاستراتيجية إعطاء مقرّرات شهرية من الأمودياكين زائد السلفاديوكسين - بيريميثامين لجميع الأطفال دون سن الخامسة خلال الموسم الذي يشتد فيه سريان المرض.
مقاومة مبيدات الحشرات
إنّ كثيراً من النجاح الذي تحقق حتى الآن في مكافحة الملاريا تم بفضل مكافحة النواقل. وتعتمد مكافحة النواقل، بشدة، على استعمال مركبات البيريثرويد (التي تُستخدم كمبيدات للحشرات) التي تُعد الصنف الوحيد من مبيدات الحشرات المُستعملة حالياً في الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات أو الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول. وتم الكشف، في بعض المناطق، عن مقاومة حيال جميع أصناف مبيدات الحشرات الأربعة المُستخدمة في مجال الصحة العمومية. ولحسن الحظ لم تُزى تلك المقاومة إلى انخفاض في الفعالية، ولا تزال الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول وتقنية الرشّ الثمالي في الأماكن الداخلية من الوسائل العالية الفعالية في كل الأماكن تقريباً.
غير أنّ ثمة قلق شديد بخصوص البلدان الواقعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والهند. فتلك البلدان تتسم بارتفاع مستويات سريان الملاريا وانتشار واسع لمقاومة مبيدات الحشرات. واستحداث مبيدات بديلة جديدة من الأولويات الرئيسية، وهناك عدة منتجات واعدة قيد الاستحداث. ومن الأوليات التي تكتسي أهمية خاصة استحداث مبيدات جديدة لاستعمالها في الناموسيات.
وينبغي أن يكون الكشف عن ظاهرة مقاومة مبيدات الحشرات من العناصر الأساسية لجميع الجهود التي تُبذل على الصعيد الوطني من أجل مكافحة النواقل وذلك لضمان استخدام أكثر أساليب المكافحة فعالية. ويمثّل اختيار المبيد المناسب للرشّ الثمالي في الأماكن الداخلية قراراً ينبغي، دوماً، اتخاذه بمراعاة البيانات المحلية والبيانات الحديثة بشأن حساسية النواقل المستهدفة.
ولضمان استجابة عالمية منسقة ومناسبة التوقيت لخطر مقاومة مبيدات الحشرات ما فتئت منظمة الصحة العالمية تعمل مع طائفة واسعة من أصحاب المصلحة من أجل إعداد الخطة العالمية لتدبير مقاومة مبيدات الحشرات في نواقل الملاريا، التي ستصدر في أيار/مايو 2012.
التخلّص من المرض
يُعرّف التخلّص من الملاريا بأنّه وقف سريان الملاريا المنقولة بالبعوض في منطقة جغرافية محدّدة، أي عدم تسجيل أيّة حالة من حالات المرض على الصعيد المحلي. أمّا استئصال الملاريا فيُعرّف بأنّه خفض معدلات وقوع عدوى الملاريا الناجمة عن عامل معيّن إلى مستوى الصفر في جميع أنحاء العالم؛ وذلك ينطبق على نوع معيّن من أنواع الطفيليات المسبّبة للملاريا.
تظهر التجارب التاريخية أن كثيراً من البلدان- لاسيما البلدان الواقعة في المناطق ذات المناخ المعتدل والمناطق شبه المدارية- أحرزت نجاحاً في التخلّص من الملاريا. كما نجحت الحملة العالمية لاستئصال الملاريا، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في عام 1955، في التخلّص من المرض في بعض البلدان، ولكنّها أخفقت في بلوغ هدفها الإجمالي في آخر المطاف، ممّا دفع إلى التخلّي عنها بعد مضي أقلّ من عشرين عاماً على إطلاقها والاستعاضة عنها بهدف أقلّ طموحاً يقتصر على مكافحة المرض. غير أنّ الاهتمام باستئصال المرض على المدى البعيد عاد إلى الواجهة في الأعوام الأخيرة.
والجدير بالذكر أنّ انتهاج الاستراتيجيات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية على نطاق واسع واستعمال الأدوات المتاحة حالياً وتعزيز الالتزامات الوطنية وتنسيق الجهود مع الشركاء من الأمور التي ستمكّن المزيد من البلدان- لاسيما البلدان التي تشهد انخفاضاً وتقلباً في معدلات سريان الملاريا- من إحراز تقدم نحو التخلّص من هذا المرض. وفي الأعوام الأخيرة حصلت 4 بلدان على إشهاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بأنّها تخلّصت من الملاريا، وتلك البلدان هي الإمارات العربية المتحدة (2007) والمغرب (2010) وتركمانستان (2010) وأرمينيا (2011).
اللقاحات المضادة للملاريا
لا توجد، حالياً، أيّة لقاحات مرخّصة لمكافحة الملاريا أو أيّ طفيلي آخر يصيب البشر. ومن اللقاحات الأكثر تقدماً من حيث مراحل الاستحداث لقاح تجريبي ضدّ المتصورة المنجلية يُدعى RTS,S/AS01. ويجري تقييم ذلك اللقاح في ظلّ تجربة سريرية واسعة يُضطلع بها في سبعة بلدان في أفريقيا. وستصدر نتائج تلك التجربة في ثلاثة مراحل، وسيتم استعراض كل مجموعة من النتائج من قبل لجان خارجية تسدي المشورة إلى منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن. وسيعتمد إصدار المنظمة لتوصية باستخدام ذلك اللقاح على النتائج النهائية التي ستخلص إليها التجربة المذكورة. ومن المتوقّع صدور النتائج النهائية في عام 2014، كما يُتوقّع، في عام 2015، صدور توصية بإضافة ذلك اللقاح أو عدم إضافته إلى الوسائل المتاحة حالياً لمكافحة الملاريا.
استجابة منظمة الصحة العالمية
يُعنى برنامج المنظمة العالمي لمكافحة الملاريا برسم مسار مكافحة الملاريا والتخلّص منها عن طريق ما يلي:
- صوغ السياسات والاستراتيجيات المسندة بالبيّنات،
- انتهاج مبدأ الاستقلالية في تقييم التقدم المحرز عالمياً؛
- وضع نُهج لبناء القدرات وتعزيز النُظم والترصد؛
- تحديد الأخطار التي تهدّد مكافحة الملاريا والتخلّص منها، فضلاً عن مجالات العمل الجديدة.
ويؤدي البرنامج العالمي لمكافحة الملاريا دور أمانة اللجنة الاستشارية في مجال السياسات الخاصة بالملاريا، وهي مجموعة تضمّ 15 من خبراء الملاريا على الصعيد العالمي تم تعيينهم عقب عملية ترشيح مفتوحة. وتقدم هذه اللجنة، التي تجتمع مرّتين في السنة، مشورة مستقلة إلى المنظمة فيما يتعلق بإعداد التوصيات لمكافحة الملاريا والتخلص منها. وتشمل ولاية اللجنة، المتمثّلة في إسداء مشورة استراتيجية وتقديم إسهامات تقنية، جميع جوانب مكافحة الملاريا والتخلّص منها، وذلك في إطار عملية ترمي إلى وضع السياسات وتتسم بالشفافية والمصداقية والقدرة على الاستجابة للاحتياجات.
والمنظمة من الهيئات التي شاركت أيضاً في تأسيس شراكة دحر الملاريا وتتولى الآن استضافة تلك الشراكة، التي تمثّل الإطار العالمي لتنفيذ الإجراءات المنسقة الرامية إلى مكافحة الملاريا. وتسعى الشراكة إلى حشد ما يلزم من موارد للاضطلاع بالعمل وإلى بلوغ توافق الشركاء في الآراء. وتضمّ الشراكة أكثر من 500 شريك، بما في ذلك البلدان التي تتوطنها الملاريا، وشركاء التنمية، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المجتمعية، والمؤسسات، والمؤسسات البحثية والأكاديمية.